المرأة
التي غلبت الشيطان كان أول أيام العيد وكان يوما مبهجا قد أقام سيدي سليم حفل كبير حضره من حضره من كبار الأغنياء ومفاتن النساء ذوات الرائحة الذكية
التي لا أجرؤ في يوما من الأيام أن احلم بأن أضعها علي انفي وكنت اجلس في زاوية القصر بعيدة أري عالم أتمني بكل جوارحي لو كنت منه ، جلست بعيدة وكانت عيني مفتوحة بملأيها في اندهاش لما أري من ألوان الملابس والأكل الشهي والأشخاص اللامعة وتجرأت دون أن أدري ودخلت إلي ساحة القصر حتى اقترب منهم واري أكثر وما إن دخلت إلي قاعة القصر إلا وبدأت الحفل كلها تتجه نحوي وضحك شديد وتعليقات سخيفة
ما هذا الشئ هل هذه من ضمن بني آدم
ما هذه الكتلة اللحمية
التي تمشي علي الأرض ههههها
وآخر... ما هذا الكائن اهو امرأة؟؟!
فقد كنت فعلا دميمة المنظر وعندي كتله عظمية كبيرة خلف ظهري مثل أحدب نوتردام تجعلني أميل ناحية اليمين كثيرا وأخذوا يقذفوا بي من رجل إلي آخر كالكرة حتى وقعت علي ألأرض وتعالت الضحكات حتى سيدي سليم الذي كنت أحبه كثير ا وأراه في نومي ويقظتي وأذوب بمجرد سماع صوته كان يضحك ضحكات عاليه معهم
خرجت من القصر مسرعة وجريت وهرولت بعيدا وأنا ابكي بكاء مريرا وكان الليل مخيف والمكان خالي والبرد قارص والرياح شديدة صوتها يخلع قلبي وفجأة وجدته إمامي شخص غريب يضحك ويضحك ضحكات مرعبة وقال لي تعالي ماذا يبكيك أتردين أن تكوني جميلة أجمل امرأة في هذه البلدة كلها.
قلت له علي الفور اوتستطيع عمل هذا
قال لي نعم لكن بشرط.
قل أي شئ المهم أن أكون جميلة ، جميلة جدا.
قال لي سأجعلك كما تريدين ولكن بشرط أن تضعي روحك تحت تصرفي نظير أن أضمن لكي خمسة وعشرون سنة تعيشها في متع حسية شاملة وان أكون أنا بين يدك احمل إليك أيما شئ تطلبينه وأخبرك عن كل ما تسألينه وأفتك بأعدائك وأساعد أصدقائك.
فقلت له موافقة.
فقال ولكن أريد ضمان علي هذا الاتفاق وعندئذ يخرج الرجل ورقة ويكتب فيها اعتراف بأن أهب له روحي بعد خمسة وعشرون سنه ويوقع عليها أسمة عزازيل.
آه ما هذا الاسم إنه اسم من أسماء الشيطان.
فيقول لي لكن أصحابي ينادوني عزيز.
وأأخذ منه الورقة وأوقع عليها... جميلة ...نعم فأنا من اليوم جميلة .
وأخذني عزيز وسافرنا إلي الخارج وأجري لي عدة عمليات تجميل وألحقني بأكبر مراكز للتجميل بعدها انبهرت بشكلي فقد أصبحت جميلة لا بل جميلة جدا أجمل امرأة في البلدة .
وعدت إلي بلدتي مرة أخري وأسكني عزيز في قصر كبير وجميل وأخبرني أنه سيقيم حفل كبير حتى يراني أهل البلدة وأعرف كم أنا جميلة فسوف ترين كيف سينبهرون بك ولابد أن تزهو بنفسك فهذه هي أول النصائح لكي (الزهو)
وجاء الليل وبدأ المدعون يتوافدون علي القصر وكنت بالدور العلوي أتجمل وأستعد للحفل وبعد قليل امتلأ القصر بالمدعوين الذين كنت أراهم في قصر سيدي سليم علي ما بهم من هيئة وجمال سيدات جميلات ذوات الرائحة الذكية والبشرة المشرقة الناعمة ، وما أن بدوت من أعلي السلم حتى ارتفعت أذقانهم جميعا إلي أعلي فقد كانت رائحتي تسبقني فقد أحضر لي عزيز من الخارج أفخم أنواع العطور وما أن نزلت إلي نصف السلم إلا وسمعت الشهقات بأذني ما هذا الجمال والأناقة وكانت التعليقات من النساء فأحسست بالزهو يملأ كياني ونزلت أرحب بالمدعوين .....اه.....
لم اصدق ما أنا فيه هل بالفعل بدأت انتمي لهذا الوسط الخيالي ففي قاعة القصر كانت الضحكات تعلوا في أركان المكان والدخان الأزرق يملأ القاعة والكؤوس تدور وكنت اشعر بسعادة تملأ كياني وكلمات الإطراء أسمعها بأذني كيف أتمتع بجمال غير عادي!! وساعتها قررت أن انتقم منهم جميعا واستمتع بهذا فكم أزلوني في الماضي.
وفجأة رايته أمامي نعم هو سيدي سليم لم يعرفني بالتأكيد فقد أصبحت إنسانة أخري جميلة بل جميلة جدا ورأيت نظراته لي أحسست يومها انه جن بجمالي ، وتعددت الحفلات بعد ذلك وعزيز بجانبي يرشدني كيف أتعامل مع الناس فكان من نصائحه لي إنني لابد أن أعذب كل الرجال بجمالي واجعلهم يقعوا في الخطيئة ثم انتقم منهم بأن اجعل زوجاتهم تعلم فيكون الفراق بينهم وكلما فرقت بين زوج وزوجة كان عزيز يكافئني أيما مكافأة وكنت أشعر بلذة الانتصار ومرت سنوات كان يعلمني فيها عزيز الزهو والحسد والغضب والبخل والشراهة والخمول والتهور ،
سافر عزيز وتركني بفردي في القصر بعد أن أطمأن أنني أتقنت دوري جيدا وكنت أقيم الحفلات يوميا وكنت اشعر بسعادة كبيرة خاصة عندما كنت اشعر أنني أخطأت أو اشعر ببعض الشفقة علي زوجين فرقتهما كان عزيز يقنعني بأنني لا يصح أن اشعر بالشفقة فهذا ضعف وأنت قوية ، قوية وجميلة فأقتنع وأستمر وابحث عن الفريسة القادمة ولكن بعد سفر عزيز شعرت بالوحدة تتسرب إلي داخلي بالرغم من وجود الكثير حولي وبدأ الملل يملأ كياني وذات مرة وأنا أتجول في حديقة القصر سرحت بخيالي ما هذه الحياة
التي أحياها وما أخر كل هذا وأين تلك السعادة
التي كنت أشعر بها لقد تبخرت وأصبحت روحي جوعا وقلبي العطش يلتوع لوعا ويتنافي النوم عيني بالرغم من حياتي الملأي بملذات الدنيا أشعر بخواء يلف نفسي ويخلق حولها كون من الامبالاه تزيدها كآبة وتغرقها في الظلمة .
كنت املك مفاتيح السعادة بيدي الجمال والمال والمتع بأنواعها والكل بأمري ولكن يبقى يعذبني شيء ما، لم اعرف ماهو لماذا عندما تنفضُ الحفلات وتنقشع سحب الدخان والمخدرات ولماذا رغم كل ما لدي هناك شيء بداخلي ينغص علي متعة نشوة الانتصار ودائما ينتابني هذا الشعور ولم اعرف له منشأ ً ورغم مفاتيح السعادة والجمال
التي سلمني اياها عزيز إلا أنني لم اعرف أن افتح باب هذا الشعور الغامض لربما استطيع تجميله أو يستطيع عزيز ذلك ....؟!!
وهنا سمعت كلمات غريبة تصدر من حجرة الجنايني الواقعة في ركن ما في الحديقة فاقتربت فوجدت زوجة الجنايني تفعل حركات أول مرة أراها ومعها كانت تتلوا كلمات غريبة ولكنني كنت عندما اسمعها اشعر بمشاعر لم اشعر بها من قبل فكانت مزيج من الرهبة والخوف والهيبة ،دخلت عليها وكانت قد انتهت مما كانت تفعله فسألتها ماذا تفعلين
أصلي
وما معني الصلاة
الدعاء والشكر لله
الله؟؟!
نعم الله الذي خلقنا في هذه الدنيا لمهمة أساسية
وما هذه المهمة
أن نعبده ونحمده علي نعمة
التي لا تحصي
نعمه؟
نعم خلق لكي روحك
التي لم ولن تهدأ وتشعرين بالسعادة الحقة إلا بالطريق إليه نعم الطريق إلي الله
ولكنني عصيته كثيرا ولن يتقبلني فقد فات الأوان
لا لا لم يفت فباب التوبة مفتوح مهما أتيت من معاصي وهو باب السعادة الحقة ادخليه كي تهدأ روحك فما تشعرين به من سعادة من ملذات الدنيا هي سعادة وقتيه سعادة مزيفة ما تلبث إلا وتنقشع ويحل بعدها الندم والحسرة
ودارت مناقشة بيني وبين زوجة الجنايني (فاطمة ) عرفت فيها الله الواحد الأحد خالق كل شئ وأحسست بعدها أن قلبي قد فتح وامتلأ بحب الله وأحسست بالنور يملأ كيان وتركت كل شئ وجلست في حجرة ملحقة بالقصر اعبد الله واغسل وجهي بدموع التوبة وعرفت أن الجمال الحقيقي هوليس في الشكل الخارجي ولكن في إحساسك بجمال وحب الله ، وتركت الدنيا وعشت سنوات في حب الله فكنت اشعر أن روحي تحلق مع ذكر الله وأشعر بسعادة حقيقية لا تنقطع وعرفت أن باب التوبة الذي دخلتة هو باب الطريق إلي السعادة وأن مفتاحه هو معرفة الله .
وجاء عزيز من الخارج وقد مرت السنون
التي كنا قد اتفقنا عليها ووجدني علي ما أنا عليه من الطاعة والعبادة فاستشاط غيظا ونهرني وقال ارجعي فقلت له لا ولو زهقت روحي فقد عرفت طعم حلاوة الإيمان فاخرج العقد من جيبة الذي كتبناه من قبل وطلب مني تحقيق الشرط بأن تكون روحي تحت تصرفه وان وقتي قد انتهي وطلب مني آن انهي حياتي الآن بلإنتحار فقلت له لكن بقي لي ساعتين من حقي فقال نعم .
فوقفت أصلي واصلي ودعوت الله أن يكفني شر
الشيطان الرجيم وسمعته وأنا أصلي يصرخ ويصرخ ولا يستطيع الاقتراب مني وكلما دعوت في سجودي تعلوا صرخاته وفجأة توقف الصراخ وفرغت من الصلاة لأجد عزيز قد وقع أرضا مفارق الحياة وكان شكله فظيع كأنه احترق نعم لقد حرقته صلاتي وأبي الله أن ينتصر
الشيطان وغلبته.
نعم غلبته بالرجوع إلي الله والتوبة والصلاة .
وكما اعترض حياتي
الشيطان اعترض حياتي ملاك الخير فاطمة لتعيدني إلي الحق والطريق إلي السعادة الحقيقية وهي أن أتذوق حلاوة الإيمان ولذة العبادة وحب الله
بقلم هيام حلمي