(ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يد يكافئه الله بها يوم القيامة وما نفعنى مال أحد قط ما نفعنى مال أبى بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)
هذا كلام النبى الكريم عن الصديق
إنه رجل عظيم القدر رفيع المنزلة أنه أفضل الصحابة
بلا خلاف إنه أول من أمن من الرجال على الصحيح
إنه من وزن إيمانه بإيمان الأمة فرجح إيمانه
إنه الورع الحيى الحازم الرحيم التاجر الكريم
كان شبيها بالنبى وأنعم به من شبه
هو عبد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى القرشى التيمى أبو بكر الصديق بن أبى قحافة
(ولد بمنى) وهو يلتقى فى النسب مع رسول الله فى مرة
كان مثاليا حتى فى الجاهلية لم يسجد رضى الله عنه لصنم قط
لقبه النبى صلى الله عليه وسلم بالعتيق
عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت إنى لفى بيت رسول الله وأصحابه فى الفناء وبينى وبينهم الستر إذ أقبل أبو بكر فقال رسول الله (من سره أن ينظر إلى عتيق فلينظر إلى هذا وإن اسمه الذى سماه به أهله لعبد الله بن عثمان بن عامر ولكن غلب عليه عتيق)
أنه أبو بكر الصديق الذى أنزل الله فيه
(وسيجنبها الأتقى الذى يؤتى ماله يتزكى)
ضيفنا هو
(ثانى اثنين إذ هما فى الغار)
من ؟؟؟؟
من كان قرين النبى فى شبابه؟
من ذا الذى سبق الى الايمان من أصحابه؟
من الذى أفتى بحضرته سريعا فى جوابه؟
من أول من صلى معه؟
من أخر من صلى به؟
من الذى ضاجعه بعد الموت فى ترابه؟فاعرفوا حق الجار
القليل من مناقبه والقليل منها كثير عن أنس بن مالك قال رسول الله ( أرحم أمتى بأمتى أبو بكر
وأشدهم فى أمر الله عمر وأشهدهم حياء عثمان وأقضاهم على)
وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (أبو بكر وعمر من هذا الدين كمنزلة السمع والبصر من الرأس)
وعن أبى هريرة قال سمعت رسول الله يقول (بينما راع فى غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعى فالتفت الذئب فقال من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيرى وبينما رجل
يسوق بقرة قد حمل عليها فالتفتت اليه فكلمته فقالت إنى لم أخلق لهذا ولكنى خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله فقال النبى فإنى أؤمن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما)
وها هوا أبو بكر يدعى من أبواب الجنة الثمانية
عن أبى هريرة أن رسول الله قال (من أنفق زوجين من شئ من الأشياء فى سبيل الله دعى من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعى من باب الصلاة ومن كان من اهل الجهاد دعى من باب الجهاد ومن كان من اهل الصدقة دعى من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعى من باب الصيام
وباب الريان فقال أبو بكر :ماعلى هذا الذى يدعى من تلك الأبواب من ضرورة وقال وهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله فقال نعم وأرجو الله أن تكون منهم يا أبو بكر)
وها نحن مع موقف يعجز القلم عن وصفه
عن على بن أبى طالب قال (لقد رأيت رسول الله وأخذته قريش فذا يجبأه وهذا يتلتله وهم يقولون :أنت الذى جعلت الألهة إلها واحدا ؟فقال فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر يضرب هذا ويجبأ هذا ويتلتل هذا وهو يقول ويلكم (أتقتلون رجلا أن يقول ربى لله ) ثم رفع (على) برده كانت عليه فبكى
حتى اخضلت لحيته ثم قال :أنشدكم الله أمؤمن أل فرعون خير أم أبو بكر ؟فسكت القوم فقال :ألا تجيبونى ؟فوالله لساعة من أبى بكر خير من ألف ساعة من مثل مؤمن أل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه
ونحن الأن مع ليلة الاسراء والمعراج لما كانت ليلة الإسراء والمعراج جاء المشركون إلى أبى بكر فقالوا :إن صاحبك يزعم أنه أسرى به إلى المسجد الأقصى فى الليلة الماضية ونحن نقطع أكباد الإبل اليها فى شهر كامل
فقال أبو بكر : إن كان قال فقد صدق
ومع الهجرة حينما انتهى النبى وابو بكر للغار قال له لا تدخله حتى أدخله قبلك فإن كان فيه شئ أصابنى دونك فدخل فكسحه ووجد فى جانبه ثقبا فشق إزاره وسدها به وبقى منها اثنان فألقمهما رجليه ثم قال ادخل يا رسول الله
فدخل النبى ووضع رأسه فى حجره ونام فلدغ أبو بكر من رجله من الحجر ولم يتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله فسقطت دموعه على وجه النبى من شدة الألم فقال ما لك يا أبى بكر قال لدغت فداك أبى وأمى فتفل رسول الله فذهب ما يجده
إن أبا بكر لم يخرج مع رسول الله وهو يريد الجاه ولا الوزارة وإنما خرج ابتغاء وجه الله وهو يعلم يقينا أن سيوف المشركين تنتظره بالخارج وعلى الرغم من ذلك خرج ليفوز بشرف الصحبة
يوم بدر يقول على رضى الله عنه أشجع الناس أبو بكر إنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله عريشا فقلنا من يكون مع رسول الله لئلا
يقوى إليه أحد من المشركين فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر
شاهرا بالسيف على رأس رسول الله لا يهوى اليه أحد إلا هوى إليه
وعن ابن سيرين أن عبد الرحمن ابن أبى بكر كان يوم بدر مع المشركين فلما أسلم قال لأبيه لقد أهدفت أشرفت
إلى يوم بدر فانصرفت عنك ولم أقتلك فقال أبو بكر (لكنك لو أهدفت لى لم أنصرف عنك)
وعن أبى صالح الحنفى عن على قال قيل لعلى ولأبى بكر يوم بدر مع أحدكما جبريل ومع الأخر ميكائيل واسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو قال :يشهد الصف
وفى باقى المشاهد قال ابن القيم رحمه الله وثبت أبوبكر رضى الله عنه ثبوت الجبال يوم أحد حول رسول الله يدافع وبعث رسول الله سرية إلى بنى فزارة سنة سبع للهجرة بقيادة أبى بكر رضى الله عنه فوردت الماء وغنمت وسبت وعادت سالمة وفى غزوة تبوك ساعة العسرة كانت راية المسلمين بيد أبى بكر الصديق رضى الله عنه
ويوم حنين أعجب المسلمون بكثرتهم فلم تغنهم شيئا وولوا مدبرين بعد أن كمن لهم أعداء الله فى شعاب الوداى
وكان أول من ثبت حول رسول الله أبو بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه ثبات الصديق عند وفاة الحبيب عن عائشة رضى الله عنها قالت إن رسول الله مات وأبو بكر بالسنح قال إسماعيل : تعنى العالية فقام عمر يقول :والله ما مات رسول الله قالت وقال عمر: والله ما كان يقع فى نفسى
إلا ذاك وليبعثنه الله فيقطعن أيدى رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله فقبله
فقال بأبى أنت طبت حيا وميتا والذى نفسى بيده لا يذيقنك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال :أيها
الحالف على رسلك _يقصد عمر فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال :ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد رب محمدا فإن رب محمدا حى لا يموت وقال
(إنك ميت وإنهم ميتون )
وقال
( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين)
فنشج الناس يبكون
قال ابن عباس : والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الأية حتى تلاها أبو بكر فتلقاها الناس كلهم فما أسمع بشرا إلا يتلوها
وأن عمر قال:والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها حتى ما تقلنى رجلاى وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها علمت أن النبى قد مات صور من تواضعه كان رضى الله عنه يحلب للحى أغنامهم فلما بويع له بالخلافة قالت جارية من الحى : الأن لا تحلب لنا منائح (أغنام) دارنا فسمعها أبو بكر فقال : بلى وعمرى لأحلبنها لكم وإنى أرجو أن لا يغيرنى ما دخلت فيه عن خلق كنت عليه فكان يحلب لهم فربما قال للجارية من الحى يا جارية أتحبين أن أرغى لك أو أصرخ ؟فربما قالت :أرغ وربما قالت صرح فأى ذلك قالت فعل ومن عدل الصديق
أنه سوى بين رعيته فى العطاء وقسمة المال واعتبر أن سابقة بعضهم فى الخيرات إنما يثاب عليها فى الدار الأخرة
عن عائشة رضى الله عنها قالت
( قسم أبى أول عام الفئ فأعطى الحر عشرة وأعطى المملوك عشرة والمرأة عشرة وأمتها عشرة ثم قسم فى العام الثانى فأعطاهم عشرين عشرين )
ونحن الأن مع ورع يعجز القلم عن وصفه
عن عائشة رضى الله عنها قالت كان لأبى بكر غلام يخرج
له الخراج وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوما بشئ فأكل أبو بكر فقال له الغلام أتدرى ما هذا ؟ فقال أبو بكر : ما هو قال : كنت تكهنت لإنسان فى الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أنى خدعته فأعطانى بذلك فهذا الذى أكلت منه ؟فأدخل
أبو بكر يده فى فمه ليخرج الطعام ولكن الطعام يأبى أن يخرج من شدة الجوع فقال أبو بكر والذى نفسى بيده لو لم تخرج يا طعام لاخرجتك حتى ولو خرجت روحى معك فقاء الطعام ملطخا بالدماء من شدة الجوع
ولم يتردد أبو بكر بعد موت النبى فى تجهيز وارسال جيش أسامة بن زيد رغم حرب الردة ولم يتوانى فى حرب الردة ولم يتوانى مع المرتدين وقال قولته الشهيرة..
( والله لو منعونى عقالا كانوا يؤدونه الى رسول الله لجاهدتهم عليه)
وهو أول من جمع القرأن الكريم حدثه عمر بن الخطاب بعد مقتل أهل اليمامة أن يهم بجمع القرأن فقال له : كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله
فقال عمر هذا والله خير فلم يزل يراجعنى حتى شرح الله صدرى لذلك ورأيت فى ذلك الذى رأى عمر
ولما دنا أجل الصديق احس من الافضل ان يستخلف رجلا من بعده يكمل مسيره الإصلاح ونشر الدعوة وأن اختيار خليفة قبل موته سيجنب المسلمين محنة الإختلاف على الخليفة القادم فبعد أخذ رأى الصحابة دعا عثمان بن عفان وقال :اكتب
هذا ما عهد أبو بكر بن أبى قحافة فى أخر عهده بالدنيا خارجا منها وعند
أول عهده بالأخرة داخلا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويصدق الكاذب إنى استخلفت عليكم
ثم غشى عليه
فكتب عثمان :إنى استخلفت عليكم عمر بن الخطاب
فلما أفاق أبو بكر قال :اقرا على فقرأ عليه فكبر وقال :أراك خفت
أن يختلف الناس إن افلتت نفسى فى غشيتى
قال :نعم
قال جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله
وأقرها أبو بكر رضى الله عنه وأمره أن يخرج على الناس بالكتاب فبايعوه لمن فيه قد علموا أنه عمر
قال ابن مسعود أفرس الناس ثلاثة :أبو بكر حين تفرس عمر بن الخطاب فاستخلفه وصاحبة موسى حين قالت يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الامين والعزيز حين تفرس يوسف فقال لامرأته (اكرمى مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخده ولدا)
وبعد حياة طويلة مليئة بالبذل والتضحية والفداء والعدل والإيثار نام خليفة رسول الله على فراش الموت ليلحق بحبيبه وصاحبه رسول الله فى جنة
الرحمن إخوانا على سرر متقابلين